فصل: فصل: فِي السِّوَاك بالأسحار:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير



.فصل: فِي الاستياك قبل النَّوم:

عَن مُحرز رَضِيَ اللَّهُ عَنْه «أنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا نَام لَيْلَة حتَّى يسْتَنَّ».
رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي معرفَة الصَّحَابَة.
وَرُوِيَ أَيْضا عَن حرَام- بِالْحَاء والرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ- بن عُثْمَان- وَهُوَ مَتْرُوك- عَن ابْن عَتيق، عَن جَابر «أنَّه كَانَ يستاك إِذا أَخذ مضجعه وَإِذا قَامَ من اللَّيْل وَإِذا خرج إِلَى الصُّبْح. فَقلت لَهُ: قد شققت عَلَى نَفسك بِهَذَا السِّوَاك، فَقَالَ: إنَّ أُسَامَة أَخْبرنِي أنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يستاك هَذَا السِّوَاك».
وَرُوِيَ أَيْضا عَن عَائِشَة قَالَت: «مَا كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع شَيْئا بعد الْوتر إلاَّ أَن يستاك».
وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «لَوْلاَ أَنْ أشقَّ عَلَى أمَّتِي لأمرتُهم بِالسِّوَاكِ». فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة عِنْد ذَلِكَ يخبر عَن نَفسه: وَالله لقد استكت قبل أَن آكل وَبعد أَن آكل وَقبل أَن أرقد وَحين أستيقظ.

.فصل: فِي السِّوَاك بالأسحار:

عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَوْلاَ أَنْ أشقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُم أَنْ يَسْتَاكُوا بِالأَسْحَارِ».
رَوَاهُ أَبُو نعيم وَفِي إِسْنَاده ابْن لَهِيعَة، وَسَيَأْتِي بَيَان حَاله.

.فصل: فِي السِّوَاك عِنْد الأزم وتغيّر الْفَم:

عَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قَالَ: «أَتَى رجلَانِ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم حاجتهما وَاحِدَة، فَتكلم أَحدهمَا فَوجدَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي فِيه أخلافًا. فَقَالَ لَهُ: أَمَا تَسْتَاكُ؟ فَقَالَ: بلَى. وَلَكِنِّي لم أطْعم مُنْذُ ثَلَاث، فَأمر رجلا من أَصْحَابه فآواه وَقَضَى حَاجته».
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ، وَفِي إِسْنَاده قَابُوس بن أبي ظبْيَان. قَالَ أَبُو حَاتِم: لَا يحْتَج بِهِ.
وَعَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «كَانُوا يدْخلُونَ عَلَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يستاكوا، فَقَالَ: تَدْخُلُونَ عَلَيَّ قلحًا، اِسْتَاكُوا، فَلَوْلاَ أَنْ أشقَّ عَلَى أمَّتِي لفرضتُ عَلَيهِم السِّوَاكَ عَنْدَ كُلِّ صلاةٍ كَمَا فرضت عَلَيْهِم الوضُوء».
ورَوَاهُ الْبَغَوِيّ فِي مُعْجم الصَّحَابَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه وَابْن أبي خَيْثَمَة فِي تَارِيخه وَالْبَزَّار. وَاللَّفْظ الَّذِي قدمْنَاهُ هُوَ لَفظه. وَلَفظ البَاقِينَ بِنَحْوِهِ. قَالَ ابْن السكن: هَذَا حَدِيث مُضْطَرب، وَفِيه نظر.
وَقَالَ الْبَزَّار: لَا نعلم يرْوَى هَذَا الْفظ عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاَّ عَن الْعَبَّاس عَنهُ بِهَذَا الإِسناد.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: مُخْتَلف فِي إِسْنَاده. وَقَالَ ابْن الصّلاح مثله قَالَ: إلاَّ أنَّه- وَالله أعلم- حَدِيث حسن.
قُلْتُ: فِيهِ وَقْفَة، فَفِيهِ- مَعَ الِاخْتِلَاف- أَبُو عَلّي الصيقل، وَلَا يُعرف لَهُ حَال وَلَا اسْم كَمَا ذكر ابْن السكن، وَتَبعهُ ابْن الْقطَّان.
وَقَالَ عبد الحقّ فِي الْأَحْكَام: فِي إِسْنَاده ابْن كَرَان- بالراء الْخَفِيفَة وبالنّون- وَهُوَ بَصرِي لَا بَأْس بِهِ.
قَالَ ابْن الْقطَّان: هَذَا الضَّبْط خطأ، بل هُوَ بتَشْديد الرَّاء كَمَا قَالَه ابْن مَاكُولَا، وَفِي آخِره زَاي.
قَالَ الْعقيلِيّ: الْغَالِب عَلَى حَدِيثه الْوَهم.
وَقَالَ الفلاس: بَصرِي لَيْسَ بِهِ بَأْس.
وَوَقع لِابْنِ الْجَوْزِيّ فِي ضُعَفَائِهِ أَن أَبَا حَاتِم قَالَ فِيهِ: إنَّه ضَعِيف. وَهُوَ من أغلاطه فإنَّ هَذِه التَّرْجَمَة- أَعنِي سُلَيْمَان بن كران- لم يذكرهَا ابْن أبي حَاتِم فِي كِتَابه أصلا.
نعم قَالَه فِي سُلَيْمَان بن أبي كَرِيمَة فَلَعَلَّهُ الْتبس عَلَيْهِ.
قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان: وَقد رَوَاهُ فُضَيْل بن عِيَاض عَن مَنْصُور، عَن أبي عَلّي الصيقل فخلص مِنْهُ سُلَيْمَان.
وَرَوَاهُ الإِمام أَحْمد من حَدِيث تَمام بن الْعَبَّاس قَالَ: أَتَوا النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو أَتَى- فَقَالَ: «مَا لِي أَرَاكُم تَأْتُوني قلحًا؟ اِسْتَاكُوا، لَوْلاَ أَنْ أشقَّ عَلَى أُمَّتِي لفرضتُ عَلَيْهِم السِّوَاكَ كَمَا فرضت عَلَيْهِم الوضُوء».
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه من حَدِيثه أَيْضا، وَهَذَا لَفظه: عَن جَعْفَر بن تَمام بن عَبَّاس، عَن أَبِيه مَرْفُوعا: «مَا لَكُمْ تَدْخُلُون عَلَيَّ قلحًا، اِسْتَاكُوا فَلَوْلا أنْ أشقَّ عَلَى أمَّتِي لأَمَرْتُهُم بالسِّوَاكِ عندَ كُلِّ طهورٍ». وَفِي رِوَايَة: «صَلَاة».
وَرَوَاهُ أَيْضا من رِوَايَة جَعْفَر بن تَمِيم أَو تَمام. لكنَّه قَالَ: «كَمَا فرضت عَلَيْهِم الصَّلاة».
وَرَوَاهُ ابْن قَانِع فِي مُعْجم الصَّحَابَة أَيْضا وَلَفظه: عَن جَعْفَر بن تَمام، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «مَا لَكُمْ تَدْخُلُون عَلَيَّ قلحًا؟ اِسْتَاكُوا، لَولاَ أنْ أشقَّ عَلَى أمَّتِي لفرضتُ عَلَيْهِم السِّوَاكِ كَمَا فُرِضَ الوضوءُ».
وَحَكَى ابْن الْقطَّان عَن ابْن السكن: أَن تَمَّامًا كَانَ أَصْغَر ولد الْعَبَّاس. وَلَيْسَ يُحفظ لَهُ عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم سَماع من وَجه ثَابت. وَقَالَ أَبُو نعيم فِي معرفَة الصَّحَابَة: تَمام بن الْعَبَّاس، وَقيل: ابْن قثم، تفرد بالرواية عَنهُ ابْنه جَعْفَر، مُخْتَلف فِي صحبته. ثمَّ ذكر لَهُ الحَدِيث الْمَذْكُور وَبَين الِاخْتِلَاف فِيهِ.
القَلَح- بِفَتْح الْقَاف وَاللَّام- صفرَة تعلو الْأَسْنَان، قَالَه الْجَوْهَرِي وَغَيره.
وَادَّعَى ابْن الرّفْعَة- رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي الْكِفَايَة أنَّ هَذَا الحَدِيث ذكره الرَّافِعِيّ، فَقَالَ: ويتأكد السِّوَاك فِي حَال اصفرار الْأَسْنَان. قَالَ الرَّافِعِيّ: وَيشْهد لَهُ قَوْله «مَا لَكُمْ تَدْخُلُون عَلَيَّ قلحًا، اِسْتَاكُوا»، انْتَهَى.
وَهَذَا لم يُرَ فِي شَيْء من نسخ الرَّافِعِيّ.

.فصل: فِي السِّوَاك عَلَى اللِّسَان:

عَن أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ، قَالَ: «دخلت عَلَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وطرف السِّوَاك عَلَى لِسَانه».
رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم.
وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ: «رَأَيْته يستن بسواك بِيَدِهِ يَقُول: أع أع والسواك فِي فِيهِ كأنَّه يتهوع».
وَفِي رِوَايَة للنسائي وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان: «عأ عأ».
وَفِي رِوَايَة للجوزقي فِي صَحِيحه: «أَخ أَخ أَخ».
وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد: «أُه أُه» بِهَمْزَة مَضْمُومَة، وَقيل: مَفْتُوحَة وَالْهَاء سَاكِنة.
وَفِي رِوَايَة للإِمام أَحْمد: «دخلت عَلَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يستاك، وَهُوَ وَاضع طرف السِّوَاك عَلَى لِسَانه يستن إِلَى فَوق. فوصف حَمَّاد كأنَّه يرفع سواكه».
قَالَ حَمَّاد: وَوَصفه لنا غيلَان قَالَ: «كأنَّه يستن طولا».
وَفِي رِوَايَة للطبراني فِي أكبر معاجمه عَن أبي مُوسَى، قَالَ: «أَتَيْنَا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم نستحمله فرأيته يستاك عَلَى لِسَانه».

.فصل: فِي غسل السِّوَاك وتطييبه:

عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت: «كَانَ نَبِي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يستاك فيعطيني السِّوَاك لأغسله فأبدأُ بِهِ فأستاك ثمَّ أغسله فأدفعه إِلَيْهِ».
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد جيِّد.
وعنها قَالَت: «دخل عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما وَمَعَهُ سواك يستن بِهِ، فَنظر إِلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاك فأعطانيه فقضمته، ثمَّ مضغته فأعطيته رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستن بِهِ وَهُوَ مُسْتَند إِلَى صَدْرِي».
رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَلمُسلم نَحوه. واستدركه الْحَاكِم عَلَيْهِمَا، وَقَالَ: إنَّه صَحِيح عَلَى شَرطهمَا وإنَّهما لم يخرجَاهُ. وَهَذَا عَجِيب.
وَفِي رِوَايَة للعقيلي عَن عَائِشَة قَالَت: لما مرض رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ، قَالَ: «يَا عَائِشَة، آتِيني بِسِوَاكٍ رطبٍ، امضغِيهِ ثُمَّ آتيني بِهِ أمضغه؛ لِكَي يَخْتَلِطُ رِيقي بِرِيقِكِ لكَي يُهَوَّن بِهِ عَليّ عندَ الْمَوْتِ».
ثمَّ قَالَ: رَوَى هَذَا سُهَيْل بن إِبْرَاهِيم الجارودي، وَلَا يُتَابع عَلَيْهِ.
قُلْتُ: الشَّأْن فِي الَّذِي رَوَى عَنهُ سُهَيْل بن إِبْرَاهِيم وَهُوَ عبد الله بن دَاوُد الوَاسِطِيّ التمار، قَالَ خَ: فِيهِ نظر. وَقَالَ النَّسَائِيّ:
ضَعِيف. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِقَوي، فِي أَحَادِيثه مَنَاكِير. وَتكلم فِيهِ ابْن حبَان وَابْن عدي.

.فصل: فِيمَا جَاءَ فِي إِعْطَاء السِّوَاك لغيره:

عَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «أَرَاني فِي المَنَامِ أتسوكُ بِسِوَاكٍ، فَجَاءنِي رَجُلاَن أَحَدُهُمَا أَكْبِرُ مِنْ الآخرِ، فناولتُ السِّواكَ للأصغرِ مِنْهُما. فَقِيلَ لِي: كَبِّر. فَدَفَعْتُه إِلَى الأكبرِ».
رَوَاهُ مُسلم مُسْندًا وَالْبُخَارِيّ تَعْلِيقا.
وَفِي رِوَايَة عَن ابْن عمر أَيْضا أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي السِّوَاك: «نَاوله أَكْبَرَ الْقَوْمِ».
قَالَ التِّرْمِذِيّ: سَأَلت البُخَارِيّ عَنْهَا. فَقَالَ: حَدِيث حسن.
وَعَن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر، عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل غيضة فاجتنى سواكين، أَحدهمَا مُسْتَقِيم وَالْآخر معوج، وَمَعَهُ إِنْسَان، فَأعْطَاهُ الْمُسْتَقيم وَحبس المعوج فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَنْت أحقّ بالمستقيم منّي. فَقَالَ: «إِنَّه ليسَ مِنْ صَاحِبٍ يُصَاحِبُ صَاحِبًا وَلَو سَاعَةً إِلاَّ سَأَلَهُ اللهُ عَنْ مُصَاحَبتِهِ إِيَّاهُ». حَدِيث ضَعِيف رَوَاهُ ابْن حبَان فِي ضُعَفَائِهِ.
وَعَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت: «كَانَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يستن وَعِنْده رجلَانِ أَحدهمَا أكبر من الآخر، فأُوِحيَ إِلَيْهِ فِي فضل السِّوَاك أَن كَبِّر، أعْط السِّوَاك أكبرهما». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد حسن.
وَفِي علل ابْن أبي حَاتِم، سُئِلَ أبي عَن حَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد بن زَاذَان الْمَدِينِيّ، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يستن وَعِنْده رجلَانِ، فأُوحي إِلَيْهِ أَن كَبِّر، وَأعْطَى السِّوَاك حِين فرغ للرجلين». فَقَالَ أبي: هَذَا خطأ إنَّما هُوَ عَن عُرْوَة، عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مُرْسل، وَعبد الله ضَعِيف الحَدِيث. أه.

.فصل: فِي السِّوَاك يَوْم الْجُمُعَة:

عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الغُسْلُ يومَ الجُمْعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كل محتلم، وأَنْ يَسْتَنَّ، وأَنْ يمسَّ طِيبًا إِنْ قَدر عَلَيه».
رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَهَذَا لَفظه، وَمُسلم وَلَفظه: «غُسْلُ يَوْم الجمعةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وسواكٌ، ويمس مِنَ الطِّيبِ مَا قَدَر عَلَيه».
وَفِي رِوَايَة لمَالِك عَن ابْن شهَاب، عَن ابْن السّبَّاق أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي جُمُعَة من الْجمع: «يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِين إِنَّ هَذَا يَوم جَعَله اللهُ عِيدًا، فاغْتَسِلُوا، ومَنْ كَانَ عِندَه طيبٌ فَلاَ يضرّهُ أَنْ يمسَّ مِنْهُ، وَعَلَيْكُم بالسِّواكِ».
قَالَ عبد الْحق: ابْن السباق، اسْمه عبيد وَهُوَ من بني عبد الدَّار وَحَدِيثه هَذَا مُرْسل، إنَّما يروي عَن أُسَامَة بن زيد وَابْن عَبَّاس ومَيْمُونَة وَغَيرهم.
وَقد رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، وَوَهَّم رَاوِيه الدَّارَقُطْنِيّ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه: الصَّحِيح أنَّه مُرْسل، وَقد رُوِيَ مَوْصُولا وَلَا يَصح وَصله.
ورَوَاهُ أَبُو نعيم من حَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: «إِنَّ هَذَا يَوم عيدٍ جَعَلَه اللهُ للنَّاسِ، فَمَن جَاءَ الجمعةَ فَلْيغْتَسِل، فَإِنْ كَانَ طِيبًا فليمس مِنْهُ، وعَلَيكَ بالسِّوَاكِ». وَسَيَأْتِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد فِي ذَلِكَ فِي كتاب الْجُمُعَة حَيْثُ ذكره المصنِّف إِن شَاءَ الله تَعَالَى، فَلَا عَلَيْك أَن تتمهل.

.فصل: فِي السِّوَاك عِنْد إِرَادَة قِرَاءَة الْقُرْآن:

عَن أبي رَجَاء عَن وضين قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «طَيبُوا أَفْوَاهَكُم، فَإِنَّ أَفْوَاهَكُمْ طُرُق القُرآنِ».
رَوَاهُ مُسلم الْكشِّي فِي سنَنه وَأَبُو نعيم وَفِي إِسْنَاده منْدَل وَهُوَ ضَعِيف.
وَعَن سعيد بن جُبَير عَن عَلّي بن أبي طَالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «إِنَّ أَفْوَاهَكُمْ طُرُقٌ للقُرآنِ، فَطَهورها بالسِّوَاكِ».
رَوَاهُ أَبُو نعيم وَالْحَاكِم أَبُو أَحْمد فِي الكنى، وَفِي إِسْنَاده بَحر بن كَنِيز- بِفَتْح الْكَاف وَكسر النُّون ثمَّ يَاء مثناة تَحت ثمَّ زَاي مُعْجمَة- وَهُوَ ضَعِيف.
قَالَ الْحَاكِم أَبُو أَحْمد: هَذَا حَدِيث مُنكر جدًّا، لم يدْرك سعيد بن جُبَير عليا وَلم يره.
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه مَوْقُوفا عَن عَلّي كرَّم الله وَجهه من الطَّرِيق الْمَذْكُورَة.
وفِي رِوَايَة لأبي نعيم وَالْبَزَّار، عَن عَلّي «أنَّه أَمر بِالسِّوَاكِ وَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّ العبدَ إِذَا تَسَوَّكَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي قَامَ المَلَكُ خلفَهُ يَسْمَع القرآنَ، فَلَا يزالُ عجبه بِالقُرآنِ يُدنِيهِ، حتَّى يضعَ فَاهُ عَلى فِيهِ، فَمَا يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ شَيءٌ مِنْ القُرآنِ إِلاَّ صَارَ فِي جَوفِ ذَلِكَ المَلَكِ، فَطَهرُوا أَفْوَاهُكُمْ لِلْقُرآنِ».
قَالَ الْبَزَّار: هَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يُروى عَن عَلّي بِأَحْسَن من هَذَا الإِسناد.
وَرُوِيَ عَنهُ مَوْقُوفا عَلَيْهِ أَيْضا.
قُلْتُ: رجال الْمَرْفُوع رجال الصَّحِيح، مِنْهُم: فُضَيْل بن سُلَيْمَان، أخرج لَهُ الشَّيْخَانِ وَضَعفه الْحفاظ. وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث فِي فضل الصَّلَاة الَّتِي يتَسَوَّك لَهَا.
وَفِي رِوَايَة لأبي نعيم، عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «إِذَا تَسَوَّكَ أَحَدُكُمْ ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ طَافَ بِهِ مَلَكٌ يستمع القُرآنَ، حتَّى يَجْعَلَ فَاهُ عَلَى فِيهِ».
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الإِمام: هَذَا صَحِيح مُرْسل.

.فصل: فِي اسْتِحْبَاب السِّوَاك عِنْد دُخُول الإِنسان منزله:

عَن شُرَيْح بن هَانِئ قَالَ: «سَأَلت عَائِشَة قُلْتُ: بِأَيّ شَيْء كَانَ يبْدَأ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل بَيته؟ قَالَت: بِالسِّوَاكِ». رَوَاهُ مُسلم.
وَفِي رِوَايَة عَنْهَا: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل بَيته يبْدَأ بِالسِّوَاكِ».
رَوَاهَا ابْن حبَان فِي صَحِيحه. وَالله عزَّ وجلَّ أعلم.

.فصل: فِي اسْتِحْبَابه مُطلقًا فِي كلِّ وَقت وَحَال:

عَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «أَكْثَرْتُ عَلَيكُمْ فِي السِّوَاكِ».
رَوَاهُ البُخَارِيّ.
وَعَن سُلَيْمَان بن صرد رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «اسْتَاكُوا وَتَنَظَّفُوا وأَوتِرُوا، فإنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ».
رَوَاهُ الْحَاكِم أَبُو أَحْمد فِي الكنى وَغَيره، كَمَا تقدم فِي فصل فِي الْمُحَافظَة عَلَيْهِ سفرا وحضرًا.
وَعَن أبي أَيُّوب خَالِد بن زيد الْأنْصَارِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «عَلَيكُمْ بِالسِّوَاكِ». ذكره ابْن أبي حَاتِم فِي علله وَقَالَ: سَأَلت أَبَا زرْعَة عَنهُ فَقَالَ: الصَّوَاب إرْسَاله.
وَعَن ابْن السباق أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «عَلَيكُمْ بِالسِّوَاكِ». رَوَاهُ مَالك كَمَا تقدَّم قَرِيبا فِي فضل السِّوَاك يَوْم الْجُمُعَة.
وَعَن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْمَكِّيّ، حَدَّثَنَا عبد الله بن مَيْمُون القداح، عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن عَلّي أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «اغسلوا ثيابكم، وخذوا شعوركم، واستاكوا وتزينوا، فَإِن بني إِسْرَائِيل لم يَكُونُوا يَفْعَلُونَ فزنت نِسَاؤُهُم» حَدِيث لَا يَصح.

.فصل: فِي أَن السنَّة كالفرض فِي اسْتِحْبَاب السِّوَاك عِنْدهَا:

عَن مُعَاوِيَة قَالَ: «أَمرنِي رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا آتِي أَهلِي فِي غرَّة الْهلَال وَأَن لَا أتوضأ فِي طهرة النّحاس وَأَن أستن كلما قُمْت من سِنتِي».
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه، عَن الْحُسَيْن بن إِسْحَاق التسترِي، ثَنَا أَبُو كريب، ثَنَا عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن، عَن عُبَيْدَة بن حسان، عَن عَطاء عَنهُ بِهِ.
وَهَذَا سَنَد ضَعِيف، عُبَيْدَة بن حسان مُنكر الحَدِيث، قَالَه أَبُو حَاتِم، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ضَعِيف. وَقَالَ ابْن حبَان: يروي الموضوعات عَن الثِّقَات.
وَعُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن هُوَ الطرائفي، فِيهِ خلف، قَالَ ابْن معِين: صَدُوق. وَقَالَ أَبُو عرُوبَة: لَا بَأْس بِهِ يَأْتِي عَن قوم مجهولين بِالْمَنَاكِيرِ. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: أنكر أبي عَلَى البُخَارِيّ إِدْخَاله فِي الضُّعَفَاء وَقَالَ: هُوَ صَدُوق.
قُلْتُ: مَا قَالَه البُخَارِيّ فِيهِ أَكثر من هَذَا: كَانَ يحدث عَن قوم ضِعَاف. وأسرف ابْن نمير فِيهِ فَقَالَ: كَذَّاب، والأزدي فَقَالَ: مَتْرُوك.
وأمَّا ابْن حبَان فإنَّه تقَعْقع فِيهِ كعادته، كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ فِي مِيزَانه فَقَالَ فِيهِ: يروي عَن قوم ضِعَاف أَشْيَاء يدلسها عَن الثِّقَات حتَّى إِذا سَمعهَا المستمع لم يشك فِي وَضعهَا، فلماكثر ذَلِكَ فِي أخباره التزقت بِهِ تِلْكَ الموضوعات، وَحمل عَلَيْهِ النَّاس فِي الْجرْح، فَلَا يجوز عِنْدِي الِاحْتِجَاج بروايته كلهَا بِحَال.

.فصل: فِيمَا جَاءَ فِي الاستياك بِفضل الْوضُوء:

عَن أنس بن مَالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْه «أنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يستاك بِفضل وَضُوئِه».
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَفِيه عِلَّتَانِ:
إِحْدَاهمَا: أَن فِي إِسْنَاده يُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي، قَالَ ابْن معِين: كذَّاب، زنديق.
وَالثَّانيَِة: أنَّه من رِوَايَة الْأَعْمَش عَن أنس، وَقد رَآهُ وَلم يسمع مِنْهُ.
وسُئل الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ، فَقَالَ فِي علله: رَوَاهُ يُوسُف بن خَالِد، عَن الْأَعْمَش، عَن أنس. وَخَالفهُ سعيد بن الصَّلْت، فَرَوَاهُ عَن الْأَعْمَش، عَن مُسلم الْأَعْوَر، عَن أنس وَهُوَ أصحّ.
وَأخرجه من هَذِه الطَّرِيق أَيْضا فِي سنَنه وَالله أعلم.

.فصل: فِي الاستياك بالأصبع:

عَن عَلّي بن أبي طَالب- كَرَّم الله وَجهه- «أنَّه دَعَا بكوز من مَاء فَغسل وَجهه وكَفَّيه ثَلَاثًا، وتمضمض فَأدْخل بعض أَصَابِعه فِي فِيه، واستنشق ثَلَاثًا، وَغسل ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، وَمسح رَأسه مرّة وَاحِدَة...» وَذكر بَاقِي الحَدِيث وَقَالَ: «هَذَا وضوء نَبِي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم».
رَوَاهُ الإِمام أَحْمد فِي مُسْنده.
وَعَن عبد الرَّحْمَن الْقَسْمَلِي، عَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «يُجْزِئُ مِنَ السِّوَاكِ الأَصَابِعُ».
رَوَاهُ ابْن عدي من حَدِيث عِيسَى بن شُعَيْب، عَن القَسْملي،- وَهُوَ بِفَتْح الْقَاف- قَالَ البُخَارِيّ: إنَّه مُنكر الحَدِيث.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عِيسَى الْمَذْكُور عَن ابْن الْمثنى، عَن النَّضر بن أنس، عَن أَبِيه مَرْفُوعا: «يُجْزِئُ مِنَ السِّوَاكِ الأصابِعُ».
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: تفرد عِيسَى بالإِسنادين جَمِيعًا. قَالَ: وَالْمَحْفُوظ من حَدِيث ابْن الْمثنى قَالَ: حَدَّثَنَي بعض أهل بَيْتِي عَن أنس بن مَالك «أنَّ رجلا من الْأَنْصَار من بني عَمْرو بن عَوْف قَالَ: يَا رَسُول الله، إنَّك رغبت فِي السِّوَاك فَهَل دون ذَلِكَ من شَيْء؟ قَالَ: أصبعُك سِوَاكٌ عندَ وضُوءِكَ تَمرّ بِهَا عَلَى أَسْنانِكَ، إِنَّه لَا عَمَل لِمَن لَا نِيَّة لَهُ، وَلاَ أَجْر لِمَن لاَ حَسَنَة لَهُ».
ثمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الله بن الْمثنى عَن ثُمَامَة، عَن أنس مَرْفُوعا: «الأصبعُ يُجْزِئُ مِنَ السِّوَاكِ».
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الإِمام: وَله طَرِيق آخر عَن أنس من جِهَة الحكم بن عِيسَى، عَن أبي هُرْمُز الحَمَّال، قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: «سُئِلَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يجزئُ من السِّوَاك؟ قَالَ: الأصَابِعُ». وَذكرهَا هُنَا عَن أَحْمد أنَّه قَالَ: لَيْسَ بِصَحِيح. أَبُو هُرْمُز لَيْسَ بِثِقَة.
وَرَوَى أَبُو نعيم بِإِسْنَادِهِ عَن عَائِشَة أنَّها سَأَلت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرجل ينفض فَاه فَلَا يَسْتَطِيع أَن يمر السِّوَاك عَلَى أَسْنَانه؟ قَالَ: «يُجْزِئُهُ الأصَابِعُ». فِي إِسْنَاده الْمثنى بن الصَّباح، وَهُوَ ضَعِيف.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أَوسط معاجمه من طَرِيق الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا عِيسَى بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن عَائِشَة قَالَت: «قُلْتُ: يَا رَسُول الله الرجل يذهب فوه، يستاك؟ قَالَ: نَعَم. قُلْتُ: كَيفَ يصنع؟ قَالَ: يُدْخِل أصبعَهُ فِي فِيهِ فَيُدلكه».
وَفِي رِوَايَة لِابْنِ عدي من هَذِه الطَّرِيقَة قُلْتُ: بِأَيّ شَيْء يصنع؟ قَالَ: يُدْخِل أصبعَهُ فِي فِيهِ فَيدلكهُ هَكَذَا وَأَشَارَ بإصبعه إِلَى فِيهِ.
قَالَ الطَّبَرَانِيّ: لم يروه عَن عَطاء إلاَّ عِيسَى بن عبد الله، تَفَرَّد بِهِ الْوَلِيد، ولايروى عَن عَائِشَة إلاَّ بِهَذَا الإِسناد. وَقَالَ ابْن عدي: عَامَّة مَا يرويهِ عِيسَى لَا يُتَابع عَلَيْهِ.
وَعَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ، عَن أَبِيه، عَن جدِّه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «الأَصَابِعُ تَجْرِي مَجْرَى السِّوَاكِ إِذَا لمْ يكنْ سِوَاك».
رَوَاهُ أَبُو نعيم من حَدِيث هَارُون بن مُوسَى الْفَروِي، ثَنَا أَبُو غزيَّة مُحَمَّد بن مُوسَى، ثَنَا كثير. ثمَّ قَالَ: تَفَرَّد بِهِ هَارُون عَن أبي غزيَّة.
قُلْتُ: وَكثير ضَعِيف بِمرَّة حتَّى قَالَ الشَّافِعِي فِيهِ: إنَّه أحد أَرْكَان الْكَذِب، وَذكر الْحَافِظ ضِيَاء الدَّين الْمَقْدِسِي فِي كِتَابه الْأَحْكَام حَدِيث أنس الْمُتَقَدّم بِسَنَد لَهُ وَقَالَ: هَذَا إِسْنَاد لَا أرَى بِهِ بَأْسا.
وَمَا وَقع فِي الْهِدَايَة عَلَى مَذْهَب الإِمام أبي حنيفَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه «أنَّ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم استاك بِأُصْبُعِهِ»، فقد يشْهد لَهُ مَا قَدَّمناه من حَدِيث عليّ، وَكَذَا الحَدِيث الرَّابِع عشر من أَحَادِيث الْبَاب الْمَذْكُور فِيهِ أنَّه كَانَ يشوص فَاه بِالسِّوَاكِ عَلَى قَول من تأوَّل الشوص بالأصبع. وَفِي كتاب الطّهُور لأبي عبيد عَن رهيمة خَادِم عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَت: «كَانَ عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه إِذا تَوَضَّأ يشوص فَاه بِأُصْبُعِهِ».

.فصل: فِي الإِباحة للإِمام أَن يستاك بِحَضْرَة رَعيته:

إِذا لم يكن يحتشمهم فِيهِ كَذَا ترْجم ابْن حبَان فِي صَحِيحه. ثمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ من طَرِيق ابْن خُزَيْمَة بِإِسْنَادِهِ إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: أَقبلت إِلَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم ومعيَ رجلَانِ من الْأَشْعَرِيين، أَحدهمَا عَن يَمِينه وَالْآخر عَن يسَاره وَرَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يستاك فكلاهما سَأَلَا الْعَمَل، قُلْتُ: وَالَّذِي بَعثك بالحقّ، مَا أطلعاني عَلَى مَا فِي أَنفسهمَا، وَمَا شَعرت أَنَّهُمَا يطلبان الْعَمَل.
فكأنّي أنظر إِلَى سواكه تَحت شفته قلصت، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «إِنَّا لَا- أَو لن- نستعينُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَه، لَكِن اِذْهَبْ أَنْتَ، فَبَعثه عَلَى الْيمن، ثمَّ أردفه معَاذ بن جبل».

.فصل: فِي أولَى مَا يُستاك بِهِ وَمَا لَا يَنْبَغِي أَن يُستاك بِهِ:

فِيهِ أَحَادِيث:

.الأول:

عَن معَاذ بن جبل رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: سَمِعت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: «نِعْم السواكُ الزَّيتونُ، مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ، يُطَيِّبُ الفْمَ، ويُذْهِبُ بالحفرِ، وَهُوَ سِواكِي وسِوَاكُ الأنبياءِ قَبْلِي».
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أَوسط معاجمه عَن أَحْمد بن عَلّي الأَبَّار، عَن مُعَلَّل بن نفَيْل، عَن مُحَمَّد بن مُحصن، عَن إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة، عَن عبد الرَّحْمَن بن الديلمي، عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم، عَن معَاذ. وَقَالَ: لم يروه عَن إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة إلاَّ ابْن مُحصن.
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم مثله وَقَالَ فِي أوَّله عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم، قَالَ: «رُبمَا سَافَرت مَعَ معَاذ بن جبل فيمر بشجرة الزَّيْتُون فَيَأْخُذ مِنْهَا الْقَضِيب فيستاك بِهِ وَيَقُول: سَمِعت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم...»، فَذكر الحَدِيث.